للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعصابة، وتعمّم وقام معي، فلما دخلنا دار محمد بن سليمان، ورأى الفرش والآلة وحضر الطعام ورأى سروره وطيبه، وحضر النبيذ وآلته، ومدّت الستائر، وغنّى الجواري، أقبل عليّ وقال: يا مجنون، سألتك بالله، أيما أحق بالعربدة واولى، منزل القيم أو مجلس الأمير؟ فقلت: وكأنه لا بد من [ص ٤٦] عربدة، قال: لا والله مالي منها بدّ، فأخرجتها من رأسي هناك، فقلت: أما على هذه الشريطة فالذي فعلت أجود، فسألني محمد بن سليمان عما كان منه، فأخبرته، فضحك ضحكا كثيرا وقال: هذا الحديث والله أظرف وأطيب من كل غناء، وخلع عليه وأعطاه خمسة آلاف درهم.

قال فليح بن أبي العوراء: كان في المدينة فتى يعشق ابنة عم [له] ، فوعدته أن تزوره، وشكا إليّ أنها تأتيه ولا شيء عنده، فأعطيته كسر دينار للنفقة، فلما زارته قالت له: من يلهينا؟ قال: صديق لي ووصفني لها، ودعاني فأتيته، وكان اول ما غنيت: «١» [الوافر]

من الخفرات لم تفضح أخاها ... ولم ترفع لوالدها شنارا

«٢» فقامت إلى ثوبها لتلبسه وتنصرف، فعلق بها، وجهد أن تقيم، فلم تقم، وانصرفت، وأقبل علي يلومني في أن غنيت ذلك الصوت، فقلت: لا والله ما هو شيء اعتمد فيه مساءتك، ولكنه شيء اتفق، قال: فلم نبرح إذ عاد رسولها بعدها ومعه صرة [فيها ألف دينار] دفعها إلى الفتى وقال له: تقول لك ابنة عمك، هذا مهري ادفعه إلى أبي واخطبني، ففعل ذلك وتزوجها. والبيت

<<  <  ج: ص:  >  >>