فحفظها، وشجا حسّاده وأحفظها، وأخذ جوائز الأمراء، وحصل جزيل الثراء، وكان يرمى بحمق ربما أدّاه إلى صواب الرأي، وهواه، وسبب حياته ومدّ مداه، وأحياه ليميت به عداه.
قال أبو الفرج الأصفهاني رحمه الله تعالى، قال الورد «١» : كان مالك بن أبي السمح من طيء، فأصابتهم حطمة «٢» في بلادهم بالجبلين «٣» ، فقدمت به أمه وأخوه، وأخوات أيتام لا شيء لهم، وكان يسأل الناس عن باب حمزة بن عبد الله ابن الزبير، وكان معبد منقطعا إلى حمزة، يكون عنده ويغنيه، فسمع مالك بن أبي السمح غناءه فأعجبه واشتهاه، وكان لا يفارق باب حمزة، يسمع غناء معبد إلى الليل، ولا يطوف بالمدينة، ولا يطلب من أحد شيئا «٤» ولا يريم «٥»[موضعه] فينصرف إلى أمه ولم يكسب شيئا فتضربه وهو مع ذلك يترنم بألحان معبد ويؤديها دورا دورا، نغما بغير لفظ، ولا روى شيئا من الشعر، وجعل كلما غدا وراح رآه ملازما لبابه، فقال لغلامه: أدخل هذا الغلام الأعرابي إليّ، فأدخله إليه، فقال له حمزة: من أنت يا غلام؟ قال: أنا غلام من طيء أصابتنا حطمة بالجبلين فحطّتنا إليكم، ومعي أم لي وإخوة، وإني لزمت بابك، فسمعت من دارك صوتا أعجبني فلزمت بابك من أجله، فقال: هل أنت تعرف منه شيئا؟
قال: أعرف لحنه كله ولا أعرف الشعر [ص ٤٨] ، قال: إن كنت صادقا إنك لفهم،