للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذاك بأنّ النّوم يغشى عيونهم ... سراعا ولا يغشى لنا النّوم أعينا «١»

إذا ما دنا اللّيل المضرّ بذي الهوى ... جزعنا وهم يستبشرون إذا دنا

فلو [أنّهم] كانوا يلاقون مثل ما ... نلاقي لكانوا في المضاجع مثلنا

قال: فأخذ الغناء بقلبي، ولم يدر لي منه حرف، فقلت: يا جارية ما أدري أوجهك أحسن أم غناؤك؟ فلو شئت أعدت، قالت: حبا وكرامة، ثم اندفعت فغنّته، فو الله ما دار لي منه حرف، فقلت: أحسنت فلو تفضلت فأعدته مرة أخرى، فقطّبت وكلحت «٢» وقالت: ما أعجب أحدكم! لا يزال يجيء إلى الجارية عليها الضريبة فيشغلها، فضربت يدي إلى ثلاثة الدراهم فدفعتها إليها، وقلت لها: أقيمي بها وجهك اليوم إلى أن نلتقي، فأخذتها كالكارهة وقالت:

أنت الآن تريد أن تأخذ مني صوتا، أحسبك ستأخذ عليه ألف دينار وألف دينار، قال:: واندفعت تغني، فأعملت فكري في غنائها حتى بان لي الصوت وانصرفت مسرورا إلى منزلي أردّده حتى خفّ على لساني، ثم إني لما خرجت أريد بغداد، دخلتها فنزل بي المكاري على باب المحوّل «٣» ، ولا أدري أين أتوجه، ولا من أقصد، فمازلت أمشي مع الناس حتى أتيت الجسر، فعبرت ثم انتهيت إلى الشارع بالميدان، فرأيت مسجدا بالقرب من دار الفضل بن الربيع مرتفعا، فقلت: مسجد قوم سراة، فدخلته وحضرت صلاة المغرب فصلّيت، وأقمت مكاني حتى صليت [ص ٥٣] العشاء الآخرة على جوع وتعب، وانصرف أهل المسجد، وبقي رجل يصلي خلفه جماعة من الخدم وخول «٤»

<<  <  ج: ص:  >  >>