للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غناء ما غنّى أحد أثقل منه ولا أجود، ثم غنّى:»

[الطويل]

تشكّى الكميت الجري لما جهدته

قال إسحاق: حدثني شيخ من موالي المنصور قال: قدم علينا المدينة فتيان بني أمية يريدون مكة، فسمعوا معبدا ومالكا فأعجبوا بهما، ثم قدموا مكة فسألوا عن ابن سريج فوجد مريضا، فأتوا صديقا له فسألوه أن يسمعهم غناءه، فخرج معهم حتى دخلوا عليه فقالوا: نحن فتيان من قريش أتيناك مسلمين عليك وأحببنا أن نسمع غناءك «٢» فقال: أنا مريض كما ترون، قالوا: إن الذي نكتفي به منك يسير- وكان ابن سريج أديبا طاهر الخلق عارفا بأقدار الناس- فقال: يا جارية، هاتي جلبابي وعودي، فأتته جارية بخامة فشدها على وجهه، وكان يفعل ذلك إذا تغنى لقبح وجهه، ثم أخذ العود فغناهم حتى اكتفوا، ثم ألقى العود وقال: معذرة، قالوا: قد قبل الله عذرك وأحسن إليك، ومسح على ما بك من الضّرّ، ثم انصرفوا يتعجبون مما سمعوا، فمروا بالمدينة منصرفين [ص ٦٦] فسمعوا من معبد ومالك فجعلوا لا يطربون، فقال «٣» أهل المدينة: نقسم بالله لقد سمعتم ابن سريج بعدنا، قالوا: أجل لقد سمعناه، فسمعنا ما لم نسمع مثله قط ولقد نقص إلينا ما بعده «٤» .

قال إسحاق، حدثني إسحاق بن يحيى بن طلحة قال: قدم جرير المدينة ونحن يومئذ شبّان نطلب الشعر، فاحتشدنا له ومعنا الشعراء، فبينا نحن عنده إذ قام

<<  <  ج: ص:  >  >>