قال إسحاق، قال ابن مقمّة: لما احتضر ابن سريج نظر إلى ابنته تبكي، فبكى وقال: إن من أكبر همي أنت، واخشى ان تضيعي بعدي، قالت: لا تخف، فما غنيّت شيئا إلا وأنا أغنّيه، فقال: هاتي، فاندفعت تغنّي أصواتا وهو مصغ إليها، فقال: قد أصبت ما في نفسي، وهونت علي أمرك، ثم دعا سعيد بن مسعود الهذلي «١» فزوجه إياها، فأخذ عنها أكثر غناء أبيها وانتحله، فهو الآن ينسب إليه.
قال إسحاق: وأخبرني هشام بن المرية، أن قادما قدم المدينة فسارّ معبدا بشيء، فقال معبد: أصبحت أحسن الناس غناء، فقلنا: أو لم تكن كذلك؟ قال: لا، ثم قال: أتدرون ما خبرني به هذا؟ قالوا: لا، قال: أعلمني أن عبيد بن سريج مات، ولم أكن [أحسن] الناس غناء وهو حي.
قال إسحاق: قال كثير بن كثير السهمي يرثيه: «٢»[البسيط]
ما اللهو عند عبيد حين يخبره ... من كان يلهو به منه بمطّلب «٣»
لله قبر عبيد ما تضمّنه ... من لذّة العيش والإحسان والطّرب «٤»
لولا الغريض ففيه من شمائله ... مشابه لم أكن فيه بذي أرب
قال مصعب الزبيري: حدثني شيخ من المكييّن قال: كان ابن سريج قد أصابه الريح الجنبية «٥» ، فآلى يمينا أن لا يغني، ونسك ولزم المسجد حتى عوفي، ثم