للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما ذكر أبو الفرج «١» : أن الأفشين «٢» كان عرض لأبي دلف واعتل له باطنه، ذوى بدائه، وملئ بالعمل على إرادته، ولم يزل يغري به المعتصم ويرمي جانبه السليم منه بما يصم، حتى أسرّ إليه قتل أبي دلف، وأمر فيه بأمر يفضي به إلى التلف، فأخذه إليه وعفى على آثاره، وعمّى بصراء أخباره، فأتى الخبر ابن أبي دواد، وقد خيم الليل وطنب، وأسكت من أنب، ولم يبق باب إلا وقد أوثق بالرتاج، ولا أحد إلا وجفنه قد طعم النوم أو احتاج، فخاف إن أخّر إلى بكرة غده أن تفوت فيه الحيلة، وأن يودعه سر تلك الليلة الثقيلة، فدعا بجماعة من عدول الشهود، ونهض بهم إلى باب الأفشين حتى طرقه واستفتح غلقه، ثم دخل عليه هجما، وانقضّ شيطانه المريد في تلك الليلة رجما، وقال له: هؤلاء شهود أمير المؤمنين، وأنا قاضيه ورسوله إليك في أمر هو من وراء تقاضيه، وهو يأمرك بالإمهال في أمر «٣» أبي دلف، وأنك لا تعجل عليه، ولا تمد يدك ببطش إليه، وها هو لديك حي يرزق وسالم الأعضاء، قادر على المضاء، وها أنا قد أبلغتك رسالة أمير المؤمنين، وهؤلاء يشهدون وفي بكرة غد لشهادتهم عند أمير المؤمنين يؤدون، وكان قد أحضر أبا دلف ليقتله في تلك الساعة والسيف مصلت قد أظمأه له وأجاعه ثم كرّ ابن أبي دواد راجعا، وترك الأفشين فاجعا، وكان ابن أبي دواد قد فعل هذه الأعجوبة، وأتى لإبقاء نفس ذلك «٤» المسلم [ص ٨١] بهذه الأكذوبة، والمعتصم لم يخاطبه فيه ببنت شفة، ولا أراه من جنى نخلته له تمرة

<<  <  ج: ص:  >  >>