ولما قدم أبو دلف من الكرج صنع الأمير علي بن عيسى بن ماهان مائدة، ودعاه إليها وكان قد احتفل بها غاية الاحتفال، فجاء بعض الشعراء ليدخل دار علي بن عيسى، فمنعه البواب، فتعرّض الشاعر لأبي دلف، وقد قصد دار علي بن عيسى، وبيده جزازة، فناوله إياها، فإذا فيها:«١»[مجزوء الخفيف]
قل له إنّ لقيته ... متأن بلا وهج
جئت في ألف فارس ... لغداء من الكرج
ما على النّاس بعدها ... في الدناءات من حرج
فرجع أبو دلف، وحلف أنه لا يدخل الدار ولا يأكل منها شيئا. وقيل إن الشاعر هو عباد بن الحريش.
وقيل إن أبا دلف لما مرض مرض موته، حجب الناس عن الدخول إليه لثقل مرضه، فاتفق أنه أفاق في بعض الأيام فقال لحاجبه [ص ٨٤] من بالباب من المحاويج؟ فقال: عشرة من الأشراف قد وصلوا من خراسان، ولهم بالباب عدة أيام لم يجدوا طريقا، فقعد على فراشه واستدعاهم، فلما دخلوا رحّب بهم وسألهم عن أحوالهم وبلادهم وسبب قدومهم، فقالوا: ضاقت بنا الأحوال وسمعنا بكرمك فقصدناك، فأمر خازنه بإحضار بعض الصناديق وأخرج منه عشرين كيسا في كل كيس ألف دينار، ودفع إلى كل واحد منهم كيسين، ثم أعطى كل واحد منهم مؤونة طريقه، وقال لهم: لا تمسوا الأكياس حتى تصلوا بها سالمة إلى بلادكم، واصرفوا هذا في مصالح الطريق، ثم قال: ليكتب كل واحد منهم خطه أنّه فلان بن فلان حتى ينتهي إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ويذكر جدته فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنها، ثم يكتب: يا