نفثاته بيت ولا معهد، اقترح في الغناء وفتح فيه للبناء، تقيّل عن الفرس غرائب الضروب، وغزائر الفكر التي ترنّح كلّ طروب، وحظي لدى أشراف المدينة لغناء كان يحلّ حباهم «١» ويحل مثله رباهم، إلا أنه جرى جري الجواد، وترك الكل للجواد، كان قدم إلى المدينة رجل فارسي يعرف ببسيط يغني بها، فأعجب عبد الله بن جعفر، فقال له سائب خاثر: أنا أصنع لك مثل غناء هذا الفارسي بالعربي، ثم غدا على عبد الله بن جعفر، وقد صنع:«٢»[الكامل]
لمن الديار رسومها قفر
وهذا أوّل صوت غنّي به في الإسلام من الغناء المتقن في الصنعة.
قال: ثم اشترى عبد الله بن جعفر بسيطا بعد ذلك، فأخذ عن سائب خاثر الغناء العربي، وأخذ عن سائب أيضا ابن سريج وجميلة ومعبد وعزّة الميلاء وغيرهم.
قال: وفد عبد الله بن جعفر على معاوية، ومعه سائب خاثر، فوقّع له في حوائجه «٣» ، ثم عرض عليه حاجة لسائب خاثر، فقال معاوية: من هذا؟
فقال: رجل من أهل المدينة ليثي، ويروي الشعر، قال: أو كلّ من روى الشعر ازداد فضله؟ قال: إنه يحسّنه، قال: وإن حسّنه، قال: أفأدخله إليك يا أمير المؤمنين؟
قال: نعم، فلما دخل قام على الباب فرفع صوته، ثم غنّى:«٤»[الكامل]