لمن الدّيار رسومها قفر ... لعبت بها الأرواح والقطر
فالتفت معاوية إلى عبد الله وقال: أشهد لقد حسّنه، وقضى حوائجه.
قال:[ص ٨٧] أشرف معاوية ليلا على منزل يزيد ابنه، فسمع صوتا أعجبه، واستخفّه السماع، فاستمع قائما حتى ملّ، ثم دعا بكرسي فجلس عليه، واستمع بقية ليلته، فلما أصبح غدا عليه يزيد فقال له: يا بني، من كان جليسك البارحة؟ قال: أي جليس يا أمير المؤمنين؟ وتجاهل عليه، فقال: عرفني، فإنه لم يخف عليّ شيء من أمرك، قال: سائب خاثر، قال: فاخثر «١» له يا بني من برك، فما [رأيت] بمجالسته بأسا.
قال ابن الكلبي: وفد معاوية المدينة في بعض ما كان يفد، فأمر حاجبه بالإذن للناس، فخرج الحاجب، ثم رجع فقال: ما بالباب من أحد، قال: وأين الناس؟
قال: عند عبد الله بن جعفر، فدعا معاوية ببغلته فركبها، ثم توجه إليهم، فلما جلس قام سائب خاثر، ومشى بين السماطين «٢» وتغنّى: «٣»[الطويل]
لنا الجفنات الغرّ يلمعن بالضّحى ... وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
فطرب معاوية وأصغى إليه حتى سكت، وهو مستحسن لذلك، ثم قام وانصرف.
قال: وقتل سائب خاثر يوم الحرّة، فلما عرضت أسماء من قتل على يزيد بن معاوية، مرّ به اسمه، فقال: إنا لله، وبلغ القتل إلى سائب خاثر إلى طبقته، ما