فبعث يزيد إلى معبد فأتى، فسأل: لم بعث إليه؟ فأخبر، فقال: لأيتهما المنزلة عند أمير المؤمنين؟ قالوا: لحبابة، فلما عرضتا عليه الصوت، حكم لحبابة، فقالت سلامة: والله يا بن الزانية إنك لتعلم وتتحقق أن الحق والصواب ما قلت، ولكنك سألت: أيتهما آثر عند أمير المؤمنين، فقيل لك حبابة، فاتبعت هواه ورضاه، فضحك يزيد وطرب، وقالت سلامة: أتأذن لي يا أمير المؤمنين في صلة معبد، فإن له علي حقا، قال: قد أذنت، فوصلته بما لم تصله به حبابة.
وقال الزبير بن بكار: حدثتني طيبة، أن حبابة أنشدت يوما يزيد بن عبد الملك:«١»[الوافر]
لعمرك إنني لأحبّ سلعا ... لرؤيتها ومن بجنوب سلع «٢»
ثم تنفست شديدا فقال لها: مالك؟ أنت في ذمة أبي لئن شئت لأقلعنه إليك حجرا حجرا، فقالت: وما أصنع به، ليس إياه أردت، إنما أردت ساكنه.
قال الزبير: وحدثتني ظبية، أنّ يزيد قال لحبابة وسلامة، أيّتكما غنتني ما في نفسي، فلها حكمها، فغنت سلامة [فلم تصب ما في نفسه، وغنت حبابة فأصابت ما في نفسه، فقال احتكمي، فقالت: سلامة، تهبها لي]«١٣» ومالها، قال: اطلبي غير هذا، فأبت، فقال لها: قد وهبتها لك، فلقيت سلامة من ذلك أمرا عظيما، فقالت لها حبابة: اطمئني فإنك لا ترين إلا خيرا، فجاءها يزيد يوما فسألها أن تبيعه إياها بحكمها، قالت: أشهد أنها حرة، فاخطبها حتى أزوجك مولاتي.
قال المدائني: كانت حبابة إذا غنت وطرب يزيد قال: أطير؟