فأقبل أشعب وقال: ما عندي والله شيء ونحن من تعرف وذلك غير فائت لك، فلما أيس منه قام من عنده، فدخل على أبيه جعفر بن محمد، ثم اندفع يشهق حتى التفت أضلاعه، ثم قال: أخلني، قال: ما معنا أحد، قال: وثب ابنك إسماعيل على ابني فقتله وأنا أنظر إليه، قال: فارتاع جعفر وقال: ويحك، وفيم؟
وتريد ماذا؟ قال: أما ما أريد فو الله مالي في إسماعيل حاجة، ولا يسمع هذا سامع أبدا بعدك، فجزاه خيرا وأدخله منزله، وأخرج له مئتي دينار، وقال له: خذ هذه، ولك عندي ما تحب، قال: وخرج جعفر إلى اسماعيل لا ينظر ما يطأ عليه، فإذا به مسترسل [في مجلسه] فلما رأى وجه أبيه نكره وقام إليه، فقال: يا إسماعيل وفعلتها بأشعب وقتلت ولده، فاستضحك وقال: جاءني بجدي من صفته وخبره كذا، فأخبره أبوه بما كان منه وصار إليه، قال: وكان جعفر يقول لأشعب: رعتني راعك الله، فيقول: روعتي في الجدي أكثر من روعتك في المائتي دينار.
قال: وقف أشعب على امرأة وهي تعمل طبق خوص، فقال: كبرّيه، قالت: ولم؟
أتريد أن تشتريه؟ قال: لا، ولكن عسى أن يشتريه إنسان فيهدي إلي فيه شيئا.
قال المدائني قالت صديقة أشعب لأشعب: هب لي خاتمك أذكرك به، فقال:
اذكريني بأني منعتك إيّاه، فهو أحب إليّ.
قال أشعب مرة للصبيان: هذا عمرو بن عثمان يقسم مالا، فامضوا إليه، فلما أبطاؤا عليه أتبعهم يحسب أن الأمر قد صار حقا كما قال.
قال المدائني، قال رجل: رأيت أشعب بالمدينة يقلب مالا كثيرا، فقلت له:
ويحك، ما هذا [الحرص] ؟ ولعلك أن تكون أيسر من الذي يعطيك، قال: إني قد مهرت في المسألة وأخاف أن أدعها فتنفلت مني.