وفعل كذا وكذا، وأراها الحلة والسرج، فقالت لأشعب: فعلتها، أنا نفية من أبي إن لم أنفقها إلا فيما يسوؤك ثم أمرت بكبس «١» منزلي واحضارها الدنانير، فأحضرت، واشتري بها خشب وبيض وسرجين «٢» ، فعملت من الخشب بيتا وحبستني فيه، وحلفت ألا أخرج منه حتى أحضن البيض كله، فمكثت أربعين يوما إلى أن نقب كله وخرج منه فراريج كثير، فربتهن وتناسلن وكن في المدينة يسمّين أولاد أشعب، وهن إلى اليوم بالمدينة يسمين بذلك، وتزيد على الألوف، كلهن أقاربي وأهلي، قال [ص ٣١] إبراهيم: فضحكت والله منه ضحكا ما أذكر أني ضحكت قدره قط، ووصلته، ولم يزل عندي زمانا حتى خرج إلى المدينة.
قال: كان أبان بن عثمان من أهزل الناس وأولعهم، وبلغ من عبثه أنه كان يجيء إلى منزل الرجل له لقب يغضب منه، فيقول: أنا فلان بن فلان، ثم يهتف به بلقبه فيشتمه أقبح شتم، وأبان يضحك، قال: فبينا أشعب ذات يوم عند داره، إذ أقبل أعرابي معه جمل، والأعرابي أشقر أزرق غضوب يتلظّى كأنه أفعى، ويتبين الشر في وجهه، فقال أبان: هذا والله من البادية، ادعوه، فدعا به، فقيل له: إن الأمير أبان بن عثمان يدعوك، فأتاه، فسلم عليه، فسأله عن نسبه، فانتسب له، فقال:
حيّاك الله يا خال، اجلس، فقال: إني في طلب مثل جملك هذا منذ مدة، فلم أجده كما أشتهي بهذه الهامة، وبهذا اللون والصدر والورك والأخفاف، والحمد لله الذي أظفرني به عند من أحبه، أتبيعه؟ قال: نعم أيها الأمير، قال: فإني قد بذلت مئة دينار، وكان الجمل يساوي عشرة، فطمع الأعرابي وسرّ وانتفخ وبان الطمع في وجهه، فأقبل أبان على أشعب وقال: ويلك يا أشعب، إن خالي من