أهلك وأقاربك- يعني في الطمع- فأوسع له ما عندك، قال: نعم بأبي أنت وأخي وزيادة، فقال له: يا خال، إنما زادك في الثمن على بصيرة، إن الجمل يساوي ستين دينارا، ولكني زدتك وبذلت لك مئة [لقلة النقد عندنا] فزاد طمع الأعرابي وقال: قد قبلت ذلك أيها الأمير، فأسر إلى أشعب وأخرج شيئا مغطى وقال: أظهر ما جئت به، قال: فأخرج جرد عمامة خز تساوي أربعة دراهم، فقال: قومها يا أشعب، فقال: عمامة الأمير، تعرف به، ويشهد فيها الأعياد والجمع، ويلقى فيها الخلفاء، خمسون دينارا، فقال: ضعها بين يديه، وقال لكاتبه: أثبت قيمتها، فكتب ذلك، ووضعت العمامة بين يدي الأعرابي، فكاد يدخل بعضه في بعض غيظا، ولم يقدر على الكلام، ثم قال هات قلنسيتي، فأخرج قلنسية طويلة خلقة قد علاها الوسخ والدهن وتخرقت تساوي نصف درهم، فقال: قلنسية الأمير، تعلو هامته ويصلي فيها الصلوات ويجلس للحكم، ثلاثون دينارا، فقال: أثبت، فأثبت، ووضعت [ص ١٣٢] بين يدي الأعرابي فتربّد وجهه، وجحظت عيناه وهم بالوثوب، وتماسك قليلا وهو متقلقل ثم قال أبان لأشعب: هات ما عندك، فأخرج خفين خلقين قد نقبا وتقشرا، فقال:
قوم، فقال: خفا الأمير يطأ بهما الروضة، ويعلو منبر النبي صلى الله عليه وسلم أربعون دينارا، فقال: ضعها بين يديه، فوضعها، ثم قال لبعض الأعوان «١» :
اذهب فخذ الجمل، وقال لآخر: امض مع الأعرابي فاقبض ما عنده من بقية الثمن المباع وهو عشرون دينارا، فوثب الأعرابي وأخذ القماش فضرب به وجه القوم، ثم قال لأبان: أتدري أصلحك الله من أي شيء أموت؟ قال: لا، قال: حيث لم أدرك أباك عثمان فأشترك والله في دمه، إذ ولد مثلك، ثم نهض مثل المجنون فأخذ بزمام بعيره، وضحك أبان حتى سقط، وكان الأعرابي إذا لقي أشعب يقول: يا بن