للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشريطة أن لا تلمني أن أعاتبك لأنك أخذت في معاتبتي «١» والمطلوب إليه أقدر من الطالب، فلا تعاود أن تحتال عليّ فإنك لا تظفر مني بما تريد، وقد دسّك إبراهيم عليّ لتأخذ صوتا غنيته، وسألني إعادته فمنعته إياه، بخلا عليه به، لأنه لم يلحقني منه خير ولا بركة، ويريد أن يأخذ غنائي باطلا وطمع بموضعك عندي أن يأخذ الصوت بلا ثمن ولا حمد، لا والله، إلا بأوفر ثمن وبعد اعترافك، وإلا فلا تطمع في الصوت، فقال له: أما إذا قد فطنت فتغنيه الآن إن كان هو، وإلا فعليك إعادته بعينه ولو غنّيتني كلّ شيء تعرفه لما أحسنت «٢» لك إلا به، فقال: اشتره، فتساومنا طويلا، وما كسته إلى أن استقرّ الأمر على ألف درهم، فدفعتها إليه، وألقى: «٣» [الكامل]

طرقتك زينب والمزار بعيد ... بمنى ونحن معرّسون هجود

فكأنّما طرقت بريّا روضة ... أنف تسجّح مزنها وتجود «٤»

[ص ١٤٠] قال: وهو صوت كثير العمل، حلو النغم، كثير الصنعة، صحيح القسمة، حسن المقاطع، فأخذه وبكّر إلى إبراهيم فقال له: قد أفقرني هذا الصوت وأعراني وأبلاني بوجه يحيى وشحه وشرهه، وحدثه بالقصة فضحك إبراهيم، وغناه إياه، فقال: هو هذا وأبيك هو بعينه، فألقاه عليه حتى أخذه، وأخلف كل شيء أخذه يحيى منه، وزاده خمسة آلاف درهم، وحمله على برذون «٥» أشهب بسرجه ولجامه، وقال له: يا سيدي، فغلامك زرزر المسكين قد تردد عليه حتى ظلع «٦» ، هب له شيئا، فأمر له بألف درهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>