للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا شك فيه فهو أن في القسطنطينية كتبا جليلة من كتب حذاق الحكماء والفلاسفة القدماء، ما لا خرج عن دار قومه ولا وصل إلى فلاسفة الإسلام منه شيء، لضنانة بطارقتهم [١] ، وسوء سهم به، ومحافظة خزانة على خزنة وحفظه، ويقال أن فيها دقائق الموسيقى مما لو عمل به أهل هذا الشأن والقوة على أصحاب الأصوات المطاوعة لاستغنوا به في معالجتهم به من العقاقير حتى يقال أن فيها ما يلين القاس، ويقاد الصعب، ويضحك ويبكي ويندم.

ويدعى أصحاب علم الكيمياء أن فيها كتبا جليلة فيها العلم الصحيح بأسهل الطرق وأقربها إلى الوصول، وتدعى أنه مما تلقى عن موسى صلوات الله عليه.

قال: ويقال أن فيها أثرا من علوم الخضر والاسكندر وذي القرنين تفتح به المغالق، وتتسلم المعاقل، وتملك النواصي، وتهزم الأعداء، فإذا حوجج أحد ممن يقول هذا القول وحوقق وقيل له (المخطوط ص ١٩١) ، أنتم تلوون ضلوعكم على الداء الدقيق [٢] ، غيظا على أخذ الشام منكم، فهلا أخذتم بتلك الآثار، وبلغتم المراد وكفيتم المهم ايلسوا وسكنوا، ولم تكن لهم حجة إلا أن يقولوا ما بقى من يعرفها أو ذهب زمانها أو تزيد طوالع أو باد من يعلمها أو ما تم من هو مشتغل بها.

وأما الذي هو الآن عندهم ظاهر من بقايا ذخائر العلماء الحكماء فهو الطين المختوم، ورأيت أطباء الزمان، ومنهم بالديار المصرية رؤساء أفاضل وعلماء لا تقصر عن درجات الأوائل، ما فيهم من يثبته على التحقيق، لكنها تستحسنه، وتقول هو طين مليح يحصل به القصد، ويتوقف، ولا يجزم بأنه هو الطين المختوم، ويقول الطين المختوم طين عمل وطبع وختم على عهد جالينوس.

ويقال كانت امرأة في جزيرة في البحر تجلس على هيكل على قراره أو بركة


[١] بطارقتهم وبطاركتهم جمع مفرد بطريك وبطريرك.
[٢] وردت بالمخطوط الدوين.

<<  <  ج: ص:  >  >>