يأتيها السيل، فتذبح هناك التيوس على سبيل القربان في وقت معلوم من السنة، ويؤخذ من التراب مما جف عنه السيل وجمد عليه الدم، وقالوا: إنه يجبل بالدم في طالع مخصوص، ويقرص أقراصا، ويطبع بطابع متخذ لها، ومنهم من يقول إن فعله إنما هو لخاصية تلك البقعة، ومنهم من يقول للطالع المخصوص، ومنهم من يقول بل لشيء أفيض عليه في الهيئة الاجتماعية.
وهذا الطين المختوم المجلوب الآن هو على نوعين أبيض ونوع أحمر، فأما الأبيض فمنه أغبر ومنه شديد البياض، أما الأحمر فمنه وردي ومنه ما يشوبه سواد كأنه لون المغرا أو طوابعه مختلفة، وهذا الاختلاف مما أوقف الأطباء عن الجزم به، أنه هو هو ولأنه لم يجدوا فيه كل ما ذكرت القدماء في أوصافه.
وقال لي الرئيس أمين الدين سليمان بن داوود المتطبب رحمه الله، وقد رأيته منه هذا ما هو الطين المختوم، والطين المختوم عمل على عهد جالينوس، وكان مقدارا ليس بالكثير ثم لم يعمل بعده، وغطى البحر على تلك الجزيرة، والناس منذ عمل تستعمل منه، ولهذا زمان طويل ولولا كان (المخطوط ص ١٩٢) بقدر ما عمل أضعافا مضاعفة لكان قد فرغ، وإنما هو شيء يشبه، وليس به.
وأكثر ما يحمد الأطباء من هذا الطين المشتبه بلون المغرا، ثم أن الوردي، فأما الأبيض فما رأيت أحدا [١] منهم يقدمه، إذا رآها في وصف، ولا يعبأ به، فأما جلابته من القسطنطينية فتذكره وتصف صفاته الروم، والذين جربت منه، فحمدت من أنواعه هو المشبه بالمغرا وقد ذكرت هذا المحل الفائدة، ثم نعود إلى الكلام على القسطنطينية.
قال آقسنقر الرومي وبلبان الجنوي وعلي بن بلبان الجلبي قالوا كلهم، وقال غيرهم: إن القسطنطينية على جزر من البحر، يدخل منه ماء إلى الميناء في جانب