وطاوس «١» فلاماه، فكان جوابه أن تمثّل بقول [ص ١٤٨] الشاعر: «٢»[البسيط]
يلومني فيك أقوام أجالسهم ... فما أبالي أطار النّوم أم وقعا
وبلغ عبد الله بن جعفر خبره، فبعث إليه النخاس، فاعترض الجارية، وسمع غناءها بهذا الصوت، وقال لها: ممن أخذته، فقالت: من عزّة الميلاء، فابتاعها بأربعين ألف درهم، ثم بعث إلى الرجل، فسأله عن خبره، فأعلمه إياه وصدقه عنه، فقال: أتحب أن تسمع هذا الصوت ممن أخذت عنه تلك الجارية، قال:
نعم، فدعا بعزة الميلاء وقال: غنّيه إياه، فغنّته، فصعق الرجل، وخرّ مغشيا عليه، فقال ابن جعفر: أثمنا فيه، الماء الماء، فنضح على وجهه، فلما أفاق قال: أكل هذا بلغ بك عشقها؟ فقال: وما خفي عليّ أكثر، قال: أتحب أن تسمع منها، قال: قد رأيت ما نالني حين سمعته من غيرها، فكيف يكون حالي إن سمعته منها، وأنا لا أقدر على ملكها، قال: أفتعرفها إن رأيتها؟ قال: أو أعرف غيرها! فأمر بها فأخرجت، وقال: خذها فهي لك، والله ما نظرت إليها إلا من عرض، فقبل الرجل يديه ورجليه، وقال: أنمت عيني، وأحييت نفسي، وتركتني أعيش بين قومي، ورددت إليّ عقلي، ودعا له دعاء كثيرا، فقال: ما أرضى أن أعطيها هكذا، يا غلام: احمل معه مثل ثمنها لكي تهتم بك، وتهتم بها.