نفسها، وإنما أربي في غنائها، فاسمعوها، إن استحقت أن يؤلف غناؤها فذاك، وإلا فقولوا ما شئتم، فأقاموا عنده، ونقلهم إلى «١» يحيى حتى سمعوا عنده فعذروه، وعادوا إلى ام جعفر فأشاروا عليها ألا تلح عليه في أمرها فقبلت، وأهدت إلى الرشيد عشر جوار، منهنّ: مراجل أم المأمون، وماردة أم المعتصم، [ص ١٥٠] وفاردة أم صالح.
قال إسحاق، قال لي أبي، قال لي يحيى بن خالد: إن ابنتك دنانير قد عملت صوتا اختارته وأعجبت به، فقلت لها: لا يشتد إعجابك بما تصنعينه حتى تعرضيه على شيخك، فإن رضيه واستجاده وشهد بصحته فارضيه لنفسك، وإن كرهه فاكرهيه، امض حتى تعرضه عليك، قال: فقلت له أيها الوزير: كيف إعجابك أنت به، فأنت ثاقب الرأي، عالي الفطنة، صحيح التمييز، قال: أكره أن أقول لك أعجبني فيكون عندك غير معجب، إذ كنت رئيس صناعتك تعرف بها ما لا أعرف، وتقف من لطائفها على مالا أقف، وأكره أن أقول لك لم يعجبني، وقد بلغ من قلبي مبلغا محمودا، وإنما يتم لي السرور به إذا صادف ذلك منك استجادة وتصويبا، قال: فمضيت إليها، وقد كان تقدم إليّ خدمه بذلك وقال لدنانير: إذا جاءك إبراهيم فاعرضي عليه الصوت الذي صنعته واستحسنته، فإن قال لك أصبت سررتني بذلك، فإن كرهه فلا تعلميني لئلا يزول سروري بما صنعت فلما حضرت «٢» الباب أدخلت ونصبت الستائر، فسلمت على الجارية، فردت علي السلام وقالت: يا أبت أعرض عليك صوتا قد تقدم إليك خبره، وقد سمعت الوزير يقول: إن الناس يفتنون بغنائهم ويعجبهم منهم ما لا يعجبهم من غيرهم، وكذلك يفتنون بأولادهم فيحسن في أعينهم منهم ما ليس يحسن، وقد خشيت على هذا الصوت أن يكون كذلك، فقلت: يا بنية، هات، فأخذت عودها فغنت:«٣»[الكامل]