قال: فأعجبني والله غاية الإعجاب، واستخفني الطرب حتى قلت لها: أعيديه، وأنا طالب فيه موضعا أصلحه أو أغيره لتأخذه عني، فلا والله ما قدرت على ذلك، ثم قلت لها: اعيديه الثالثة، فأعادته، فإذا هو المصفى، فقلت لها: احسنت يا بنية وأصبت وأجدت، وقد قطعت عنك بجودة إصابتك [ص ١٥١] وحسن إحسانك فائدة المتعلمين، إذ قد صرت تحسنين الاختيار، وتجيدين الصنعة، ثم خرج فلقيه يحيى بن خالد فرآه متهللا، فقال له: كيف رأيت صنعة ابنتك دنانير؟ فقال: أعز الله الوزير، ما يحسن كثير من حذاق المغنين مثل هذه الصنعة، ولقد قلت لها أعيديه، فأعادته ثلاث مرات كل ذلك أريد إعناتها لأجلب لنفسي مدخلا يؤخذ عني وينسب إليّ، فلا والله ما وجدته، فقال لي يحيى: وصفك لها يقوم مقام تعليمك إياها، والله لقد سررتني وسأسرك، فوجه إليه بمال كثير.
قال حماد البشري: مررت بمنزل من منازل طريق مكة يقال له النّباج «١» ، وإذا كتاب على حائط في منزل، فقرأته فإذا هو: النيك أربعة، [فالأول] شهوة، والثاني لذة، والثالث شفاء، والرابع داء، وحر «٢» إلى أيرين، أحوج من فرج إلى حرين، وكتبت دنانير مولاة البرامكة بخطها مدّة طويلة.
قال ابن شبة: أخذت دنانير مولاة البرامكة غناء إبراهيم [الموصلي] حتى كانت تغني غناء فتحكيه فيه حتى لا يكون بينهما فرق، وكان إبراهيم يقول