لنعمة من نعم الملوك التي لم يحظ أحد بمثلها، ولو أن العمرو الشباب والنشاط مما يشترى لاشتريتهنّ بشطر ملكي.
قال ابن المنجم: سأل إسحاق الموصلي المأمون أن يكون دخوله إليه مع أهل الرواية والعلم لا مع المغنين، فإذا أراد الغناء غناه، فأجابه إلى ذلك، ثم سأله بعد ذلك أن يأذن له في الدخول مع الفقهاء، فأذن له، ثم سأله أن يأذن له في لبس السواد يوم الجمعة والصلاة معه في المقصورة، فقال ولا كل هذا يا إسحاق، وقد اشتريت منك هذه المسألة بمائة ألف درهم.
قال: وكان معه جماعة من المغنين يحضرون عند الواثق، وعيدانهم معهم، إلا إسحاق، فإنه كان يحضر بلا عود للشرب والمجالسة، فإذا أراد الخليفة أن يغني له، أحضر له عودا، فإذا غنى وفرغ شيل من بين يديه، إلى أن يطلبه، وكان الواثق يكنيه «١» ، وكان إذا غنى وفرغ الواثق من شرب قدحه، قطع الغناء، فلم يعد منه حرفا، إلا أن يكون في بعض بيت فيتمه، ثم يقطع ويضع العود من يده.
قال: كان إبراهيم يأكل المغنين أكلا، حتى إذا حضر إسحاق فيداريه إبراهيم ويطلب مناقبه، ولا يدع إسحاق تبكيته ومعارضته، وكان إسحاق [ص ١٧٢] آفته، كما لكل شيء آفة.
قال محمد بن راشد الجنان «٢» : سألني إسحاق أن أصير إلى إبراهيم بن المهدي، وقال: قل له أسألك عن شيء، فإذا قال لك: سل، قل له أخبرني عن قولك:«٣»[الطويل]