للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسي بها، ورضتها عليه، وقلت: لا ينبغي أن يكون الفهليذ أقوى على هذا مني، فمازلت أستنبط بضع عشرة سنة حتى لم يبق في الأوتار موضع على طبقة من الطبقات، إلا وأنا أعرف نغمته كم هي، والمواضع التي يخرج النغم كلها منها، وهذا شيء لا تفي به الجواري، فقال له الواثق: لعمري لقد صدقت، ولئن متّ لتموتنّ هذه الصناعة بموتك، وأمر له بثلاثين ألف درهم.

قال: إسحاق: دعاني [المأمون وعنده] «١» إبراهيم بن المهدي، وفي مجلسه عشرون جارية، وقد أجلس عشرا عن يمينه، وعشرا عن يساره، ومعهن العيدان، فلما دخلت سمعت من الناحية اليسرى خطأ فأنكرته، فقال المأمون: يا إسحاق، أتسمع خطأ؟ فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، مر الجواري اللواتي في الناحية اليمنى [ص ١٧١] يمسكن، فأمرهن فأمسكن، فقلت لإبراهيم: هل تسمع خطأ؟

فقال: [ما] هاهنا خطأ، فقلت: يا أمير المؤمنين يمسكن وتضرب الثامنة، فأمسكن وضربت الثامنة، فعرف إبراهيم الخطأ، فقال: نعم يا أمير المؤمنين، ها هنا خطأ، فقال المأمون عند ذلك لإبراهيم بن المهدي: لا تمار إسحاق بعدها، فإن رجلا «٢» يعرف الخطأ بما بين وتر وعشرين لجدير أن لا تماريه، فقال: صدقت يا أمير المؤمنين.

قال أحمد بن حمدون: سمعت الواثق يقول: ما غنّاني إسحاق قط إلا ظننت أنه قد زيد لي في ملكي، ولا سمعته يغني غناء ابن سريج إلا ظننت أن ابن سريج قد نشر، وأنه ليحضرني غيره إذا لم يكن حاضرا فيتقدمه عندي بطيب الصوت، حتى إذا اجتمعا عندي رأيت إسحاق يعلو، ورأيت غيره ينقص، وإن إسحاق

<<  <  ج: ص:  >  >>