فضربنا عليه فتقدم ربرب وقصر عنه ملاحظ، فعجب الواثق من كشفه لما ادّعاه في مجلس واحد، فقال له ملاحظ [ص ١٧٠] : ما باله يا أمير المؤمنين يحيلك على الناس، ولم لا يضرب هو؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إنه لم يكن أحد في زماني أضرب مني، إلا أنكم أعفيتموني، فتفلّت مني، على أنّ معي بقية لا يتعلق بها أحد من هذه الطبقة، ثم قال: يا ملاحظ: شوش عودك وهاته، ففعل ذلك ملاحظ، قال إسحاق: يا أمير المؤمنين، هذا خلط الأوتار خلط متعنت، فهو لا يألو ما أفسدها، ثم أخذ العود فجسه ساعة حتى عرف مواضعه، وقال: يا ملاحظ «١» ، غنّ أيّ صوت شئت فغنى ملاحظ، فضرب عليه إسحاق بذلك العود الفاسد التسوية، فلم يخرج عن لحنه في موضع واحد حتى استوفاه، عن تقوية «٢» واحدة، ويده تصعد وتنحدر على الدساتين «٣» ، فقال له الواثق: لا والله ما رأيت مثلك قط، ولا سمعت به، اطرح هذا على الجواري، فقال:
هيهات يا أمير المؤمنين، هذا شيء لا تفي به الجواري، ولا يصلح لهن، وإنما بلغني أنّ الفهليذ ضرب يوما بين يدي كسرى أبرويز فأحسن، فحسده رجل من حذّاق صنعته، فترقبه حتى قام لبعض شأنه، ثم خالفه إلى عوده فشوّش بعض أوتاره، فرجع فضرب وهو لا يدري، والملوك لا تصلح في مجالسها العيدان، فلم يزل يضرب بذلك العود الفاسد، إلى أن فرغ، ثم [قام] على رجله فأخبر الملك بالقصة، فامتحن العود فعرف ما فيه، فقال: زه زه وزهان زه «٤» ، ووصله بالصلة التي كان يصل بها من خاطبه بهذه المخاطبة، فلما تواترت الروايات بهذا، أخذت