قال إسحاق بن إبراهيم الظاهري، حدثتني مخارق مولاتنا قالت: كان لمولانا الذي علمني الغناء فراش رومي، وكان يغني بالرومية صوتا مليح اللحن، فقال لي مولاي: يا مخارق، خذي هذا اللحن الرومي فانقليه إلى شعر صوت من أصوات العربية حتى أمتحن به إسحاق الموصلي فأعلم أين يقع من معرفته، ففعلت ذلك، فصار إليه إسحاق فأجلسه، وبعث إليّ مولاي أن أدخلي اللحن الرومي في وسط غنائك، فغنيته إياه في درج أصوات مرت [قبله] ، فأصغى إليه إسحاق وجعل يتفهمه ويقسمه ويتفقد أوزانه، فقال: هذا الصوت رومي اللحن، فمن أين وقع إليك؟، فكان مولاي بعد ذلك يقول: ما رأيت شيئا أعجب من استخراجه لحنا روميا لا يعرفه، ولا العلة فيه، وقد نقل إلى غناء عربي، وامتزجت نغمته، حتى عرفه ولم يخف عليه.
قال: تناظر المغنون يوما عند الواثق، فذكروا الضرّاب وحذقهم، فقدم إسحاق ربربا «١» على ملاحظ، ولملاحظ الرياسة في ذلك عليهم جميعهم، فقال لهم الواثق: هذا حيف وتعدّ منك، فقال إسحاق: يا أمير المؤمنين، اجمع بينهما وامتحنهما، فإن الأمر سينكشف لك فيهما، قال: فأمر بهما فأحضرا، قال له إسحاق: إن للضراب أصواتا معروفة، فامتحنهما بشيء منها، قال: أجل أفعل، فسمّى ثلاثة أصوات كان أولها:«٢»[السريع]