للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل خراسان، وجّه بهما إليه ليتفضل عليه بتعليمهما أصواتا اختارها وكتبها له في الدرج، وقال له: كلما علمهما صوتا فادفع إليه ألف درهم حتى يتعلما بها مئة صوت، فإذا علمهما الصوتين اللذين بعد المئة فادفع إليه الشهري، ثم إذا علمهما الثلاثة التي بعد الصوتين، فادفع إليه لكل صوت درجا من الأدراج، ثم لكل صوتين بعد ذلك تختا وسفطا، حتى ينفد ما بعثت به معك، ففعل وانحدر بنا إلى بغداد، واتينا إسحاق فغنّينا بحضرته، وأبلغه الوكيل الرسالة، فلم يزل يلقي [ص ١٧٣] علينا الأصوات حتى أخذناها كما أمر سيدنا، ثم صرنا إلى (سرّ من رأى) ، فدخلنا عليه وغنيناه جميع ما أخذناه فسرّ بذلك.

وقدم إسحاق من بغداد إلى سر من رأى، فلقيه مولانا فدعا بنا وأوصانا بما أراد، وغدا بنا إلى الواثق، وقال: إنكما ستريان إسحاق بين يديه، فلا توهماه أنكما رأيتماه قط، وألبسنا أقبية «١» خراسانية ومضينا معه إلى الواثق، فلما دخلنا عليه قال له سيدي: هذان غلامان اشتريا لي من خراسان يغنيان بالفارسية، فقال: غنيا، فضربنا ضربا فارسيا، وغنينا غناء فهليذيا، فطرب الواثق وقال: احسنتما، فهل تغنيان بالعربية؟ قلنا: نعم، واندفعنا فغنيناه ما أخذنا من إسحاق، وإسحاق ينظر إلينا، ونتغافل حتى غنيناه اصواتا من غنائه، فقام إسحاق وقال: وحياتك وبيعتك وإلا فكل مملوك لي حر، وكل مال لي صدقة، إن لم يكن هذان الغلامان من تعليمي، ومن قصتهم كيت وكيت، فقام أبو أحمد وقال للواثق ما أدري ما يقول هذا، إني اشتريتهما من رجل نخّاس خراساني، [فقال له] من أين يجيد تلك الأغاني؟ فضحك أبو أحمد وقال للواثق، صدق والله، أنا احتلت عليه، ولو رمت بأن أعلمهما ما أخذاه منه إذا علم أنهما لي بأضعاف ما أعطيته ما فعل، فقال له إسحاق قد تمت عليّ حيلته يا أمير المؤمنين.

<<  <  ج: ص:  >  >>