للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا مما يدل على السقوط وضعف العقل وسوء الأدب من دخولك فيما لا يشبهك، ثم إظهارك إيّاه ولم تحكمه وادعائك ما لا تعلمه حتى ينسبك الناس إلى إفراط الجهل، وألا تعلم- ويحك- أن هذا سوء الأدب وقلة معرفة ومبالاة بالخطإ والتكذيب والرد القبيح؟ ثم قال له: والله العظيم وحق رسوله الكريم: وإلا فأنا نفيّ لأبي إن أصابه سوء أو سقط من دابته، أو سقط عليه سقفه، أو مات فجأة لأقتلنك، فو الله والله والله، وأنت أعلم، فلا تعرض له، قم الآن فاخرج، فخرج وقد كاد يموت، فلما كان بعد ذلك دخلت عليه وإبراهيم عنده، فأعرضت عنه، وجعل ينظر إليه مرة وإليّ أخرى ويضحك، ثم قال له: إني لأعلم محبتك لإسحاق وميلك إليه وإليّ الأخذ عنه، وأن هذا لا يجيئك من قبله إلا أن يرضى، والرضا لا يكون بمكروه، ولكن أحسن إليه وأكرمه واعرف قدره وحقه وصله، فإذا فعلت ذلك ثم خالف ما تهواه عاقبته بيد منبسطة ولسان منطلق، ثم قال لي: قم إلى مولاك وابن مولاك فقبّل رأسه، فقمت إليه وأصلح الرشيد بيننا.

قال إسحاق: لما أراد الفضل بن يحيى الخروج إلى خراسان، ودعته ثم أنشدت:

«١» [المتقارب]

فراقك مثل فراق الحياة ... وفقدك مثل افتقاد النّعم

عليك السّلام فكم من وفاء ... أفارق منك وكم من كرم

قال: فضمني إليه، وأمر لي بألف دينار، وقال لي: يا أبا محمد، لو حليت هذين البيتين بصنعة، وأودعتهما بعض من يصلح من الخارجين معنا، لأهديت لي بذلك أنسا وأذكرتني نفسك، ففعلت ذلك وطرحته على بعض المغنين وكان

<<  <  ج: ص:  >  >>