أرى الناس خلان الكرام ولا أرى ... بخيلا له حتّى الممات خليل
[ص ١٨٠] وإنّي رأيت البخل يزري بأهله ... فأكرمت نفسي أن يقال بخيل
ومن خير حالات الفتى قد علمته ... إذا نال خيرا أن يكون ينيل
وكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى ... ورأي أمير المؤمنين جميل
فقال الرشيد: لا تخف «١» إن شاء الله، ثم قال: لله در أبيات تأتينا بها، ما أشد أصولها، وأحسن فصولها، وأقل فضولها، وأمر له بخمسين ألف درهم. فقال له إسحاق: وصفك والله يا أمير المؤمنين لشعري أحسن منه، فعلام آخذ الجائزة؟
فضحك الرشيد وقال: اجعلوها لهذا القول [مئة ألف درهم] ، قال الأصمعي:
فقلت يومئذ إن إسحاق أحذق بصيد الدراهم.
قال إسحاق: جاءني الزبير بن دحمان مسلّما فاحتبسته، فقال لي: قد أمرني الفضل بن الربيع بالمصير إليه، فقلت له: أقم يا أبا العوام ويحك نشرب ونله مع اللاهين ونلعب: «٢»[الطويل]
إذا ما رأيت اليوم قد بان خيره ... فخذه بشكر واترك الفضل يصخب
فأقام عندي وشربنا يوما، ثم صار إلى الفضل بن الربيع، فسأله عن سبب تأخره، فحدثه الحديث وأنشده الشعر، فغضب وحول وجهه عني، وأمر عونا حاجبه ألا يدخلني إليه ولا يستأذن لي عليه، ولا يوصل لي رقعة إليه، فقلت: