للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسمع مثله قطّ حسنا فضحك وقال: وما هو! إنما هو فضلة أدب وعلم، مدحه الأوائل واشتهاه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن بعده من التابعين، وكثر في حرم الله ومهاجر رسول الله، أتحبّ أن تسمعه؟ قلت:

إي والله الذي شرّفني بخطابك وجميل رأيك، فقال: يا غلام، هات العود، وأعط إسحاق رطلا، فدفع الرطل إليّ، وضرب وغنّى في شعر لأبي العتاهية بلحن صنعه فيه: «١» [البسيط]

أضحت قبورهم من بعد عزّهم ... تسفي عليها الصّبا والحرجف الشّمل «٢»

لا يدفعون هواما عن وجوههم ... كأنهم خشب بالقاع منجدل

فشربت الرطل ثم قمت فدعوت له، فأجلسني وقال: أتشتهي أن تسمعه ثانية؟ فقلت: إي والله ثانية وثالثة، وصاح ببعض خدمه وقال: احمل إلى إسحاق ثلاث مائة ألف درهم الساعة، ثم قال: يا إسحاق، قد سمعت ثلاثة أصوات وشربت ثلاثة أرطال، وأخذت ثلاث مائة ألف درهم، فانصرف إلى أهلك بسرورك ليسرّوا معك، فانصرفت بالدراهم.

قال إسحاق: ما وصلني أحد من الخلفاء مثل ما وصلني به الواثق، ولا كان أحد منهم يكرمني إكرامه، ولقد غنّيته لحني في «٣» : [الطويل]

لعلك ان طالت حياتك ان ترى ... بلادا بها مبدى لليلى ومحضر

فاستعاده مني جمعة لا يشرب على غيره، ثم وصلني بثلاث مئة ألف درهم، ولقد قدمت عليه في بعض قدماتي، فقال لي: ويحك يا إسحاق أما اشتقت

<<  <  ج: ص:  >  >>