كان بيده، وعدلت عن الصوت إلى غيره، وكان ذلك اليوم والله آخر جلوسي معه.
قال: وتوفي إسحاق ببغداد أول خلافة المتوكل، وكان يسأل الله ألا يبتليه بالقولنج لما رأى من صعوبته على أبيه، فأصابه ذرب «١» في شهر رمضان سنة خمس وثلاثين ومئتين، وكان يتصدق في كل يوم أمكنه أن يصومه بمائة درهم، ثم ضعف عن الصوم، ومات في رمضان.
لما تولى المتوكل الخلافة بعد الواثق، طلب إسحاق، فلما حضر رمى إليه مخدة وقال: اجلس عليها، فإني سمعت أن المعتصم أول يوم خلافته رمى إليك بها وقال: ما يستجلب ما عند الحر إلا بالكرامة، وسأله سماع شيء من أغانيه، فغناه لحنه نظمه في نفسه وعماه:«٢»[البسيط]
ما علّة الشيخ عيناه بأربعة ... تغرورقان بدمع ثم تنسكب «٣»
فأنعم عليه بمائة ألف درهم وصرفه، وسأله العود فتوجه من سر من رأى [ص ١٩٧] إلى بيته ببغداد، فتوفي بعد شهر، فبلغ المتوكل وفاته، فغمه وحزن عليه.
قال ادريس بن أبي حفصة يرثي إسحاق الموصلي:«٤»[الطويل]
سقى الله يا بن الموصلي بوابل ... من الغيث قبرا أنت فيه مقيم
ذهبت فأوحشت الكرام فما يني ... بعبرته يبكي عليك كريم
إلى الله أشكو فقد إسحاق إنني ... وإن كنت شيخا بالعراق مقيم