لك بحياتي يا عم، لا تشتغل بعد الصلاة بشيء غير الركوب [إليّ] فصليت وتناولت طعاما خفيفا وركبت إليه، فلما رآني من بعيد، صاح بي، بحياتي يا عم (خطارة بزمامها) ، فلما دخلت المجلس، ابتدأت [ص ٢٠٢] فغنيته إياه، فأمر بإخراج صبية كان يتحظاها، فأخرجت إليه صبية كأنها لؤلؤة في يدها عود، فقال: بحياتي يا عم ألقه عليها، فأعدته مرارا وهو يشرب، حتى ظننت أنها قد أخذته، وأمرتها أن تغنيه، فإذا هو قد استوى لها، إلا في موضع كان فيه، وكان صعبا جدا، فجهدت جهدي أن يقع لها طلبا ليسر به، فلم يقع لها بتة، ورأى جهدي في أمرها وتعذره عليها، فأقبل عليها وقد سكر وقال: نفيت من الرشيد، وكل أمة لي حرة، وعلي عهد الله، لئن لم تأخذيه في المرة [الثالثة] لأمرن بإلقائك في دجلة، قال: ودجلة تطفح وبيننا وبينها ذراعان، وذلك في الربيع، فتأملت القصة، فإذا هو قد سكر والجارية لا تقوله كما أقوله أبدا، فقلت: هذه والله داهية ويتنغص عليه يومه، وأشرك في دمها، فعدلت عما كنت أغنيه عليه وتركت ما كنت أقوله، وغنيته كما كانت هي تقوله، وجعلت اردده حتى انقضت ثلاث مرات أعيده عليها، كما كانت هي تقوله، وأريته أني اجتهدت، فلما انقضت الثلاث مرات، قلت لها: هاتيه، فغنته على ما كان وقع لها، فقلت: أحسنت والله يا أمير المؤمنين، ورددته عليها ثلاث مرات، فطابت نفسه، وسكر فأمر لي بثلاثين ألف درهم.
قال محمد بن الحارث بن بسخنر: غنى إبراهيم بن المهدي يوما بحضرة المأمون: «١»[الكامل]
يا صاح يا ذا الضامر العنس ... والرحل ذي الأنساع والحلس