خليلي من كعب ألما هديتما ... بزينب لا يفقد كما أبدا كعب
فقال إبراهيم: أسأت واخطأت، فقال له المأمون: يا عم إن كان أساء وأخطأ فأحسن أنت، فغنى إبراهيم الصوت، فلما فرغ منه قال لمخارق: أعده الآن، فأعاده فأحسن، فقال له إبراهيم: يا أمير المؤمنين، كم بينه الآن وبينه في أول الامر، فقال: ما ابعد ما بينهما، فالتفت إلى مخارق وقال: مثلك يا مخارق مثل الثوب الوشي الفاخر، إذا تغافل عنه أهله سقط عليه التراب، فحال لونه، فإذا نفض عنه عاد إلى جوهره.
قال إسحاق بن إبراهيم بن رياح: كنت أسأل مخارقا: أي الناس أحسن غناء؟
فيجيبني جوابا مجملا حتى حققت عليه يوما، فقال لي: إبراهيم الموصلي أحسن غناء من ابن جامع بعشر طبقات، وأنا أحسن من إبراهيم بعشر طبقات، وإبراهيم بن المهدي أحسن غناء مني بعشر طبقات، ثم قال: أحسن الناس غناء أحسنهم صوتا، وإبراهيم بن المهدي أحسن الإنس والجن والوحش والطير صوتا، وحسبك هذا.
قال إبراهيم بن المهدي وقد ذكر الطبل والإيقاع به، فقال: هو من الآلات التي لا يجوز أن تبلغ نهايتها، فقيل له: وكيف خص الطبل بذلك؟ [ص ٢٠٤] فقال:
لأن عمل اليدين فيه عمل واحد ولا بد أن يلحق اليسار فيه نقص عن اليمين، ودعا بالطبل ليرينا ذلك، فأوقع إيقاعا لم نظن أن يكون مثله، وهو مع ذلك يرينا زيادة اليمين على اليسار، وقال له الامين في بعض خلواته: يا عم، أشتهي أن أراك تزمر، فقال: يا أمير المؤمنين، ما وضعت على فمي ناياقط، ولا أضعه، ولكن يدعو أمير المؤمنين بفلانة- من موالي المهدي- حتى تنفخ في الناي وأمر يدي عليه، وأحضرت فوضعت الناي على فمها وأمسكه إبراهيم، فكلما مر الهواء