للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن شعرها في طلّ: «١» [الكامل]

يا رب إني قد غرضت بهجرها ... وإليك أشكو ذاك يا رباه

مولاة سوء قد تضر بعبدها ... نعم الغلام وبئست المولاه

طلّ ولكني حرمت نعيمه ... وهواه إن لم يغنني الله «٢»

يا رب إن كانت حياتي هكذا ... ضرّا عليّ فما أحب حياه

قال: ماتت علية سنة تسع ومئتين، ولها من العمر خمسون سنة، وصلى عليها المأمون، وكان سبب وفاتها أن المأمون يوما ضمها إليه وجعل يقبل رأسها، وكان وجهها مغطى، فشرقت من ذلك وسعلت ثم حمت بعقب هذا أياما يسيرة وماتت.

وكانت تحب خادما لها اسمه طل فأقصاه الرشيد [ص ٢٠٩] عنها خلافا لمرادها، وأقصدها من فراقها بسهم لم يخط صميم فؤادها فأبعده إلا عن موضعه من حبها، وأخرجه إلا من مكانه من قلبها، وإنما أظهرت التجلد لأجله، وأبدت التثبت خوفا أن يسبق السيف لعذله، فلم تتمكن بعد أن نفض عن ستورها سقيط طلّه إلا أن تجمع بالبكاء طلها بوبله، فبلغ الرشيد ولعها بتذكره، ودمعها الباكي على ساقط الطل في ثغر الأقحوان الضاحك، فقويت عزيمتها على الطرب، وإن كان مر المذاق، وتماسكت، وما عسى أن يتماسك المشتاق، فدخل الرشيد عليها يوما وهي تقرأ: «فإن لم يصبها وابل فطل» «٣» ، فقالت: فإن لم يصبها وابل فما نهى أمير المؤمنين عنه، فقال لها: يا علية ولا في القرآن، ثم أذن له فيما بعد أن يكون بمكانه من بابها في جملة الخدم، ولا يتأخر عنهم ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>