منه، ولا صنعه غيره، وأنها حيلة تمت عليه، فأقبل على إبراهيم، وقال: اصدقني بحياتي، فصدقه في قصة مخارق، قال: نعم يا مولاي، قال: اجلس إذا مع أصحابك، فقد تجاوزت مرتبة من يقوم، فأعتقه ووصله بثلاثة آلاف دينار وأقطعه [ضيعة] ومنزلا.
قال الحسين بن الضحاك: حدثني مخارق [ص ٢١٨] أن الرشيد قال يوما وهو مصطبح لجماعة من المغنين: من منكم يغني هذا الصوت «١» : [البسيط]
يا ربع سلمى لقد هيجت لي طربا ... زدت الفؤاد على علاته وصبا
فقمت وقلت: أنا يا أمير المؤمنين، فقال: هاته، فغنيته فطرب وشرب وقال:
علي بهرثمة «٢» ، فقلت في نفسي: ما يريد منه، فجاؤوا به فأدخل إليه وهو يجر سيفه، فقال: يا هرثمة، مخارق الشاري الذي قتلناه في ناحية الموصل، ما كانت كنيته؟ قال: أبو المهنا، قال: فانصرف، ثم أقبل علي بوجهه وقال: قد كنيتك أبا المهنا لإحسانك، وأمر له بمائة ألف درهم.
قال: كان الواثق يقول: أتريدون أن تعرفوا فضل مخارق على جميع أصحابه، انظروا إلى هؤلاء الغلمان الذين يقفون في السماط، فكانوا يتفقدونهم وهم وقوف وكلهم يستمع الغناء من المغنين جميعا وهو واقف مكانه ضابط لنفسه،