ألست تعرفني في الحي جارية ... ولم أخنك ولم ترفع إليّ يدا
فغنيته إياه، فطرب طربا شديدا، وشرب عليه ثلاثة أرطال، وأمر لي بألف دينار، وخلع علي جبة وشي كانت عليه مذهبة ودراعة «١» مثلها وعمامة مثلها، فما لبست ذلك وراه عليّ ندم، وكان كثيرا ما يفعل ذلك، فقال لبعض الخدم:
قل للطباخ يأتينا بمصلية «٢» معقودة الساعة، فأتينا بها، فقال: كل معي، فامتنعت لما أعرفه من كراهيته، فحلف أن آكل معه، فحين أدخلت يدي في الغضارة «٣» رفع يده وقال: أفّ نغصتها والله وقذرتها بإدخالك يدك معي فيها، ثم رفس القصعة رفسة فإذا هي في حجري وودكها «٤» يسيل على الخلعة حتى نفذ إلى جلدي، فقمت مبادرا فنزعتها وبعثت بها إلى منزلي، وغيرت ثيابي، وأنا مغموم بها وهو [ص ٢٢١] يضحك، فلما رجعت إلى منزلي، جمعت كل صانع حاذق فجهدوا في إخراج ذلك الأثر منها فلم يخرج، ولم أنتفع بها حتى أحرقتها وأخذت ذهبها. وضرب الدهر ضربة، ثم دعاني أمير المؤمنين المأمون يوما، فدخلت عليه وهو جالس، وبين يديه مائدة عليها رغيفان ودجاجتان «٥» ، فقال لي: تعال فكل، فامتنعت، فقال لي: تعال ويلك فساعدني، فجلست وأكلت معه حتى فرغ، ووضع النبيذ ودعا علويه فجلس، وقال: يا مخارق، أتغني:«٦»[الطويل]