للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فعطفت الظباء راجعة إليه حتى وقفت بالقرب منه مستشرفة تنظر إليه، ومصغية تسمع صوته، فعجب من حضر من رجوعها ووقوفها، وناوله الرجل [ص ٢٢٠] القوس فأخذها، وقطع الغناء فعاودت الظباء نفارها، ومضت راجعة إلى سننها.

قال بعض أصدقاء مخارق: ركبت معه مرة في طيّار «١» ليلا وهو سكران، فلما توسط دجلة اندفع بأعلى صوته، فما بقي أحد في الطيّار من ملاح أو غلام أو خادم إلا بكى من رقة صوته، ورأيت الشمع والسرج «٢» من جانبي دجلة في صحون القصور والدور يتساعون «٣» بين يدي أهلها يسمعون غناءه.

قال هبة الله بن إبراهيم بن المهدي: غنت شارية يوما بحضرة أبي صوتا، فأحد النظر إليها وقال لها أمسكي، فأمسكت، فقال: عرفت إلى أي شيء ذهبت، أردت أن تتشبهي بمخارق في تزايده.

[قالت: نعم يا سيدي قال: إياك ثم] إياك أن تعودي، فإن مخارقا خلقه الله وحده في طبعه وصوته ونفسه، يتصرف في ذلك أجمع حيث يحب، ولا يلحقه أحد، قد أراد غيرك أن يتشبه به في هذه الحال فهلك وافتضح ولم يلحقه، فلا أسمعنّك تتعرضين لهذا بعد هذا الوقت.

قال مخارق، ودعا أمير المؤمنين محمد الامين يوما، وقد اصطبح، فاقترح علي: [البسيط]

استقبلت ورق الريحان تقطفه ... وعنبر الهند والوردية الجددا

<<  <  ج: ص:  >  >>