فطربت عريب وصفقت ونعرت «١» ، وقالت: ما على وجه الارض من يعرف خبر هذا الصوت غيري، فلم يعرف ولم يقدر أحد منا على مسألتها عنه غيري، [فسألتها] فقالت: أنا أخبركم بقصته، ولولا أن صاحب القصة قد مات، لما أخبرتكم، إن أبا محلم قد قدم بغداد فنزل بقرب دار صالح المسكين في خان هناك، فاطلعت أم محمد على أبي محلم يوما فرأته يبول فأعجبها متاعه، فأحبت مواصلته، فجعلت لذلك علة بأن وجهت إليه تقترض منه مالا، وتعلمه أنها في ضيقة، وأنها ترده إليه بعد جمعة، فبعث إليها عشرة آلاف درهم، وحلف لها أنه لو ملك غيرها لبعث به، فاستحسنت ذلك منه وواصلته، وجعلت القرض سببا للوصلة، وكانت تدخله إليها ليلا، وكنت أنا أغني لهم، فشربنا ليلة في القمر، وجعل أبو محلم ينظر إليها، ثم دعا بدواة ورقعة، وكتب فيها:
[الكامل]
يا بدر إنك قد كسيت مشابها ... من وجه أم محمد ابنة صالح
والبيت الآخر، وقال لي: غني فيه، ففعلت واستحسناه وشربنا عليه، فقالت لي أم محمد في آخر المجلس: يا أختي انك قد غنيت في هذا الشعر وأراه سيبقى علي فضيحة آخر الدهر، قال أبو محلم، فأنا أغيره، فجعل مكان (ام محمد ابنة صالح) ، (ذاك المستنير اللائح) ، وغنيته كما غيره، وأخذه الناس عني ولو كانت أم محمد حية، لما أخبرتكم بالخبر.
قال أبو الحسن بن الفرات: كنت يوما عند أخي أبي العباس بن الفرات، وعنده عريب تغني، فقالت لأخي، وقد جرى ذكر الخلفاء: ناكني منهم ثمانية، ما اشتهيت منهم أحدا، إلا المعتز، قال ابن الفرات: فأصغيت إلى بعض بني أخي،