للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال مخارق: فسمعت مالم أسمع قط مثله حسنا، فردده علي حتى أخذته ثم قال: امض إلى جعفر فافعل به كما فعلت بأخيه وأبيه، فمضيت ففعلت مثل ذلك، وخبرته بما كان منهما، وعرضت عليه الصوت، فسره وامر خادما فضرب الستارة، وأحضر الجارية وقعد على كرسي، ثم قال: هات يا مخارق، فاندفعت وألقيت الصوت عليها حتى أخذته الجارية، فقال: أحسنت يا مخارق، وأحسن أستاذك، يا غلام، تحمل معه ثلاثين ألف درهم، وإلى الموصلي ثلاث مئة ألف درهم، فصرت إلى منزلي بالمال فأقمت ومن عندي مسرورين نشرب بقية يومنا ونطرب، ثم بكرت إلى إبراهيم فتلقاني قائما وقال لي: أحسنت يا مخارق، فقلت: وما الخبر؟ قال: اجلس، فجلست، فقال لمن خلف الستارة، خذوا فيما أنتم فيه، ثم رفع السجف فإذا المال كاملا، قلت: فما خبر الضيعة؟ فأدخل يده تحت مسورة «١» هي متكأه، فقال: هذا صك [ص ٢٣٤] الضيعة، سئل عن صاحبها فوجد ببغداد فاشتراها منه يحيى بن خالد، وكتب إلي: قد علمت أنك لا تسخو نفسك بشراء الضيعة بمال يحصل لك ولو حيزت لك الدنيا كلها، وقد ابتعتها لك من مالي، ثم وجه إلي بصكها، وهذا المال كما ترى، ثم بكى وقال:

يا مخارق، إذا عاشرت فعاشر مثل هؤلاء، [هذه] ستمئة ألف درهم، وضيعة بمائة ألف درهم، وستون ألف درهم لك، حصلنا ذلك أجمع وأنا جالس في منزلي لم أبرح منه، متى يوجد مثل هؤلاء؟

قال إسحاق: حضر أبي يوما عند موسى الهادي، فقال له: يا إبراهيم، غنني جنسا من الغناء ألذه وأطيبه وأطرب عليه، ولك حكمك، قال: وكنت أراه لا يصغي إلى شيء من الأغاني إصغاءه إلى النسيب والرقيق [منه] ، فغنيته: «٢»

<<  <  ج: ص:  >  >>