أقررت أمس بالجهالة بما سمعت من صاحبنا، قال: فإن كنت أمسكت عنه بالأمس على معرفة كما تقول، فهاته اليوم، فليست هاهنا عصبية ولا تمييز، فاندفع يغني الأصوات كلها، وابن جامع مصغ مستمع له، حتى أتى على آخرها، فاندفع ابن جامع يحلف بالأيمان المحرجة أنه ما عرفها قط ولا سمعها ولا هي إلا من صنعته لم تخرج إلى أحد غيره، فقال له: ويحك فما أحدثت بعدي؟ قال:
ما أحدثت حدثا، قال: يا إبراهيم بحياتي اصدقني، قال: وحياتك لأصدقنك، رميته بحجره، بعثت بمحمّد الزّفّ وضمنت له ضمانات، أولها رضاك عنه، فمضى فاحتال عليه حتى أخذها عنه ونقلها إليّ، وقد سقط الآن عنّي اللوم بإقراره بأنه ليس علي أن أعرف ما صنعه هو «١» ولم يخرجه [ص ٢٤٠] إلى الناس، وهذا باب من الغيب، وإنما يلزمني أن يعرف هو شيئا من غناء الأوائل وأجهله أنا، وإلا فلو لزمني أن أروي صنعته، للزمه أن يروي صنعتي وللزم كل وأحد منا لسائر طبقته، ونظرائه مثل ذلك، فمن قصر عنه كان مذموما ساقطا، فقال له الرشيد: صدقت يا إبراهيم ونضحت عن نفسك وقمت بحجتك، ثم اقبل على ابن جامع فقال له: يا إسماعيل: أتيت، أبطل عليك الموصلي ما فعلته، به أمس، وانتصف منك، ثم دعا بالزّفّ ورضي عنه.
قال إسحاق: وأصوات ابن جامع هذه، الأول منها قول قيس بن «٢» ذريح: «٣»[الوافر]