للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبلغ في ذلك محبتك إن شاء الله، فأدى له الخبر وقال: أريد أن تمضي من ساعتك إلى ابن جامع فتعلمه أنك صرت إليه مهنّئا بما تهيأ له علي، وتثلبني وتشتمني، وتحتال في أن تسمع منه الأصوات وتأخذها، ولك كل ما تحبه من جهتي مع رضا الخليفة إن شاء الله، قال: فمضى من عنده فاستأذن على ابن جامع، فأذن له، فدخل وسلم عليه وقال: جئتك مهنئا بما بلغني من خبرك، والحمد لله الذي كشف الفضل عن محلك في صناعتك، قال: وهل بلغك خبرنا؟ قال: هو أشهر من أن يخفى [ص ٢٣٩] على مثلي، قال: ويحك إنّه يقصر عن العيان، قال: أيها الأستاذ سرني بأن أسمعه من فيك حتى أرويه عنك وأسقط الأسانيد، قال: أقم عندي حتى أفعل، فدعا ابن جامع بالطعام، فأكلنا وشربنا، ثم بدأ وحدثه بالخبر، حتى انتهى إلى خبر الصوت الأول، فقال له الزف: وما هو أيها الأستاذ، فغناه ابن جامع، فجعل محمد يصفق ويشرب، وابن جامع مشتغل في شأنه، حتى أخذه منه، ثم سأله عن الصوت الثاني، فغناه إياه، وفعل مثل ما فعله في الأول، ثم كذلك في الصوت الثالث، فلما أخذ الأصوات وأحكمها، قال له: يا أستاذ، قد بلغت ما أحب، فأذن له بالانصراف، فانصرف محمد من وجهه إلى إبراهيم، فلما طلع من باب داره قال: ما وراءك؟ قال: ما تحب، ادع لي بعود، فدعا به فضرب، وغناه الأصوات، قال إبراهيم: هي وأبيك بصورتها وأعيانها، وأرددها عليّ الآن، فلم يزل يرددها حتى صحّت لإبراهيم، وانصرف محمد إلى منزله، وغدا إبراهيم إلى الرشيد، فلما دعا بالمغنين دخل فيهم، فلما بصر به قال: أو قد حضرت؟ أما كان ينبغي أن تجلس في منزلك شهرا بسبب ما لقيت من ابن جامع، قال: ولم ذلك يا أمير المؤمنين جعلني الله فداك، والله لئن أذنت لي أن أقول لأقولن، قال: وما عساك أن تقول؟ قل، قال: إنه ليس لي ولا لغيري أن يراك متعصبا لحيز فيغاضبك أو يغالبك، وإلا فما في الأرض صوت إلا وأنا أعرفه، فقال له: دع ذا عنك، قد

<<  <  ج: ص:  >  >>