للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعوام عما أمرتك به، وجلست مع أشباهك من السفهاء حتى أفسدت علي لذتي، فقلت: يا أمير المؤمنين، أنا بين يديك، وما أمرت غير فائت، ولي حديث عجيب ما سمع بمثله قط، وهو الذي قطعني عنك ضرورة لا اختيارا، فاسمعه فإن كان عذرا فاقبله، وإلا فأنت أعلم، قال: هاته فليس ينجيك، فحدثته فوجم ساعة ثم قال: إن هذا لعجب، فتحضرني معك هذا الموضع؟ قلت: نعم، وأجلسك معهن إن شئت قبلي حتى تحضر عندهن، وإن شئت على موعد، فقال: بل على موعد، قلت: أفعل، قال: انظر، قلت: ذاك حاصل لك مني متى شئت، فعدل عن رأيه في، وأجلسني وشرب وطرب، فلما أصبحنا أمرني بالانصراف، وأن أجيئه من عندهن، فمضيت إليهن في وقت الموعد، فلما وافيت الموضع، إذا الزنبيل معلق، فجلست فيه، ومده الجواري وصعدت، فلما رأينني تباشرن بي، وحمدن الله على سلامتي، وأقمت ليلتي، فلما أردت الانصراف قلت لهن: إن لي أخا هو عديل نفسي عندي، وقد أحب معاشرتكن ووعدته بذلك، فقلن: إن كنت ترضاه فمرحبا، فواعدتهن ليلة غد وانصرفت، وأتيت الرشيد فأخبرته، فلما كان الوقت خرج معي متخفيا حتى أتينا الموضع، فصعدت وصعد بعدي، ونزلنا جميعا، وقد كان الله وفقني بأن قلت لهن «١» :

إذا جاء صديقي فاستترن عني وعنه، ولا يسمع لكن نطقة وليكن ما تخترنه من الغناء أو تقلنه من قول مراسلة، فلم يتعدين ذلك، وأقمن على أتم ستر وخفر، وشربنا شربا كثيرا، وقد كان أمرني أن لا أخاطبه بإمرة أمير المؤمنين، فلما أخذ مني النبيذ، قلت سهوا يا أمير المؤمنين، فتبادرن من وراء الستار حتى غابت عنا حركاتهن، فقال لي: يا إبراهيم قد أفلت من أمر عظيم، والله لو برزت لك واحدة منهن لضربت رقبتك، قم بنا، فانصرفنا، فإذا هنّ له، وقد [ص ٢٤٧]

<<  <  ج: ص:  >  >>