للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدخلك إلينا؟ فقلت: يا عدوات أنفسهن من الذي أردتن إدخاله، ولم صار أولى بها مني؟ فلم يزل ذلك دأبنا، هن يضحكن وأضحك معهن، ثم قالت إحداهن:

أما من أردنا فقد فات، وما هذا إلا ظريف، فهلمن نعاشره عشرة جميلة، فأخرج إليّ طعام ودعيت إلى أكله، فلم يكن فيّ فضل إلا أنني كرهت أن أنسب إلى سوء العشرة، فأصبت منه إصابة معذور، ثم جيء بالنبيذ فجلسنا نشرب، فأخرجن إليّ ثلاث جوار لهن فغنين غناء مليحا، وغنت إحداهن صوتا لمعبد، فقالت إحدى الثلاث من وراء الستر: أحسن إبراهيم هذا له، فقلت: كذبت ليس هذا له، فقالت: يا فاسق، ما يدريك الغناء ما هو؟ ثم غنت الأخرى صوتا للغريض، فقالت: اللهمّ أحسن إبراهيم هذا له أيضا، فقلت: كذبت يا خبيثة، هذا للغريض، فقالت: اللهمّ أخزه، ويلك ما يدريك؟ ثم غنت الأخرى صوتا لي فقالت تلك: أحسن ابن سريج هذا له، قلت: كذبت هذا لإبراهيم، وأنت تنسبين غناء الناس إليه، وغناءه إليهم، قالت: ويلك وما يدريك؟ فقلت: أنا إبراهيم، فتباشرن بذلك جميعا وظهرن كلهن لي وقلن: كتمتنا نفسك وقد سررنا، فقلت: أنا الآن أستودعكنّ الله، فقلن: ما السبب؟ فأخبرتهن بقصتي مع الرشيد، فضحكن وقلن: الآن طاب حبسك علينا، وعلينا إن أخرجت أسبوعا، فقلت: هو والله القتل، فقلن: إلى لعنة الله، فأقمت عندهن أسبوعا لا أزول، فلما كان بعد أسبوع، ودعنني وقلن: إن سلمك [ص ٢٤٧] الله، فأنت بعد ثلاثة أيام عندنا، فأجلسنني في الزنبيل وسرحت، فمضيت لوجهي حتى أتيت دار الرشيد، فإذا النداء قد أشيع ببغداد في طلبي، وأن من أحضرني فقد سوغ ملكي وأقطع مالي، فاستأذنت فبادر الخادم حتى أدخلني إلى الرشيد، فلما رآني شتمني وقال: السيف والنطع «١» ، إيه يا إبراهيم، تهاونت بأمري وتشاغلت

<<  <  ج: ص:  >  >>