صنعته، ثم بعثت بالخادم إلى سيف الدولة تعلمه أنها صنعت لحنا فيه، فصرف الناس إلا خاصته، وأبقى أبا الطيب منهم، ثم قال: يا جيداء، هات ما صنعت، فاندفعت تغني الأبيات، قال أبو الطيب: فو الله ما ظننت إلا أن المجلس يرقص بنا، فاستعادها، ثم لم يزل يستعيدها وهي ترددها حتى مضت سحابة يومنا، وكأننا في كل مرة أول ما سمعناه، ثم أمر لي سيف الدولة بجائزة جليلة، فقلت: هي والله يا أمير المؤمنين أحق بها، فسألتك بالله إلا ما جعلته لها، فقال: بل هي لك ولها مثلها.
ومن أصواتها السيارة في شعر ابن المعتز:«١»[الوافر]
وليل قد سهرت ونام فيه ... ندامى صرّعوا حولي رقودا
أنادم فيه قهقهة القناني ... ومزمارا يعللني وعودا
فكاد الليل يرجمني بنجم ... وقال أراه شيطانا مريدا
والغناء فيه من الرمل المزموم، وقد ذكر الثعالبي في اليتيمة لجيداء هذه خبرا مع سيف الدولة وأبي فراس بن حمدان قريبه غير أنه لم يسمّها، قال: وكان سيف الدولة قلما ينشط لمجلس الأنس لاشتغاله عنه بتدبير الجيوش، وملابسة الحروب، وممارسة الخطوب، فوافت حضرته إحدى «٢» المحسنات من فتيات بغداد، فتاقت نفس أبي فراس إلى سماعها، ولم تر أن يبدأ باستعارتها قبل سيف الدولة، فكتب إليه يحثه على استحضارها، فقال:«٣»[السريع]
محلك الجوزاء أو أرفع ... وصدرك الدهناء بل أوسع «٤»