للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شطآها [١] وفتقت أزهارها. وبها الآثار القديمة الدالة على حكمة بانيها كالأهرام وأشهرها الهرمان الكبيران بالجيزة [٢] ، وبرابي أخميم [٣] ، فأما بقية ما يذكر من البرابي والملاعب بالأشمونين وألصنا وقيط وعين شمس ومنارة الإسكندرية والبيت الأخضر بمصر يوسف عليه السلام، فكل هذه قد غير الدهر معالمها، وطمس آثار غالبها، وشرع الخراب بالهرمين الكبيرين والبراي بأخميم لأخذ حجارتها، وتغيير بهجتها [٤] . وبها الصنم المقارب للهرمين المسمى عند العامة بأبي الهول وهو صنم كبير لا يبين منه إلا إلى قريب نصفه.

والقول في الأهرام والبرابي «١» كثير، والأقرب أن الأهرام هياكل لبعض الكواكب، فأما البرابي فقال لي الحكيم شمس الدين أبو عبد الله محمد بن شقير الدمشقي أنه رآها وأجاد تأملها، فوجدها مشتملة على جميع أشكال الفلك، وأن الذي ظهر له أنه لم يعملها حكيم واحد ولا ملك (المخطوط ٢٠٥) واحد بل تولى عملها قوم بعد قوم حتى تكاملت في دور كامل وهو ستة وثلاثون ألف سنة [٥] ، لأن مثل هذه الأعمال لا تعمل إلا بأرصاد، ولا يكتمل


[١] إشارة إلى قوله تعالى: ... وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ ...
[الفتح، من الآية ٢٩] .
[٢] يقصد هرم خوفو وخفرع ولم يذكر هرم منقرع حيث كانت الرمال ترتفع حوله، ولم يحدد ابن بطوطة المعاصر للمؤلف عدد الأهرامات (رحلة ابن بطوطة ٣٦) .
[٣] البرابي جمع مفرده بربى وهو مبني بالحجارة في داخله نقوش وكتابة للأوائل لا تفهم في هذا العهد، أما أخميم فهي مدينة عظيمة البنيان عجيبة الشأن (رحلة ابن بطوطة ٤١) .
[٤] أكد ذلك ابن بطوطة في حديثه عن أخميم ٤١.
[٥] ذكر ابن بطوطة إنها بنيت في ستين سنة وكتب عليها، بنينا هذه الأهرامات في ستين سنة، فليهدمها من يريد ذلك في ستمائة سنة، وقول ابن بطوطة عن المدة الزمنية أقرب إلى الصواب أما العبارة التي ذكرها فهي منكرة لأنه لم يكن قد تم فك رموز اللغة الهيروغليفية وكما ذكر هو نفسه أنها لا تفهم (انظر الرحلة ص ٣٦- ٤١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>