للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رصد المجموع «١» في أقل من هذه المدة المذكورة، هذا ما أخبرني به عنها.

وكتب القاضي محيي الدين بن الزكي إلى القاضي الفاضل كتابا ذكر فيه مصر وسماها بالمومسة، فعز ذلك عليه، وذكر في جوابه إليه، وهجم بي التأمل على لفظة أطلقها على مصر، وكنى بها عنها، ووصمها بما وسمها، وبث في القلوب عصمها، وأظنه عاقبها بذنب فرعون حين قال: أنا ربكم الأعلى [١] وحين قال أليس لي ملك مصر كما فعل الرشيد [٢] ، وولى الخصيب [٣] ، فإن كان إلى ها هنا ذهب، فقد غاب عاقبها بذنب لم يجبه، وهدمها بأمر لم تنبه، وعلى كل حال فلو كان على نفس لكنت معه عليها، ولو بعث سهما إليها لتولت يدي إيفاده إليها، فلقد أخرجني من أرضي بسحره، وندم خادمه على ما فات فيها من عمره، فهو الآن لا يرفع إليها طرفا من كسله، (ولا يرى نيلها إلا أقل من مسل برد أو وشلة) «٢» وإذا رأى دينارها الأحمر، قال: به حمرة من خجله، وإذا رأى ابريزها [٤] الأسود، قال: من سواد عمله، وإذا رأى هرميها، قال: انكسر نهداها، وإذا رأى ملتها الحاقة قال: شاب قوادها، ثم راجع النظر فإذا اللفظة التي أطلقها سيدنا عليها وهي المومسة تأبى العلقة، فكيف له أن يقذف المستورة بهذا القذف؟ ويهجم على خدرها بهذا الوصف؟! وقد وفد إليها عن شامه حين أخذ الكفر بمخنق إسلامه، فانجدته واصرخته، وسكنت الروع


[١] إشارة إلى قوله تعالى: فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى
[النازعات، الآية: ٢٤] .
[٢] يقصد هارون الرشيد الخليفة العباسي.
[٣] الخصيب: غضب الرشيد على أهل مصر فولى عليهم أحقر عبيده. وأصغرهم شأنا، قصدا لإذلالهم والتنكيل بهم وكان خصيب أحقرهم وكان يتولى تسخين الحمام، فولاه مصر، فسار فيهم سيرة حسنة غير ما كان الرشيد يبغيه (رحلة ابن بطوطة ٤٠) .
[٤] وردت بالمخطوط إبليزها ويقصد العملة السوداء أ ٢٠٥ ب ر ١٣٥

<<  <  ج: ص:  >  >>