وماذا طوله شبر ... وقد يوفي على الشّبر [ص ٣٠٣]
له في رأسه شق ... نطوف بالنّدى يجري
إذا ما جفّ لم ينفع ... ك في برّ ولا بحر
وإن بلّ أتى بالع ... جب المعجب والسّحر
وإنّي لم أرد فحشا ... وربّ الشّفع والوتر
ولكن صغت أبياتا ... حوت معنى من السّرّ
قال: فغضب مولاها وتغير لونه، وقال لسعيد: أتخاطب جاريتي بالفحش والخنا؟ فقالت الجارية: خفض عليك، فما ذهب إلى ما ظننت، وإنما يعني القلم، فسري عنه وضحك سعيد وقال: هي أعلم منك بما سمعت، فاحتبسه مولاها عنده يومه، فجعلت تغنيهم تارة وتقارضهم تارة إلى أن سكروا.
قال عمرو [بن بانة] ثم لقيني مولاها فسألته عن القصة فحدثني بها، وأخرج إليّ ابتداء سعيد وجوابها تحته، وهو: [الهزج]
أبا عثمان حاجيت ... بما قلت من الشعر
فتاة ذلّل الشعر ... لها صافية الفكر
وفي ظاهره فحش ... وليس الفحش في السّرّ
أردت المخطف المرهف ... إذ يبريه من يبري
وكتبت البرمكية على عصابتها: [الطويل]
ولا خير في شكوى إلى غير مشتكي ... ولا بدّ من شكوى إذا لم يكن صبر
وكانت جارية ماهرة، أديبة شاعرة، تأتي بكل غريب، وتبلغ مالا يجرجر فيه بعنان ولا تحدث عن عريب، صفراء من مولدات البصرة نشأت حيث يرف النخيل، ويرق السلسبيل، وكانت فضل الشاعرة تهاجيها ولا تهيجها، ولا يلفى