للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحب حماة ومن حضر.

قلت: ولم يقع إليّ من هذا الصوت غير ما ذكرت.

حكي أنه كان مع صاحب حماة على مجلس الشراب وهم ببلاد بارين «١» ، والربيع قد سحب بردائه على الثرى، والسحاب قد أودع في ثغور الأقاح جوهرا، والنسيم قد هب من تحت أعكان «٢» الليل معنبرا «٣» ، والروض قد أخذ زخرفه، والنور قد نظم أحرفه، والبدر قد طرح تاجه، وألبس الشمس شرفه، والراح قد راقت كأنها وجه حبيب، وطابت كأنها غفلة رقيب، والمدام قد أديرت في عسجدية، والكؤوس قد رقت في تلك الصفحة الندية، والسقاة كأنها أقمار توشحت الجوزاء مناديل، والأصداغ كأنها محاريب اشتعلت فيها الخدود قناديل، فاقترح عليه الغناء في شعر خمري يناسب ذلك المقام، ويحث به سوابق كبنت تلك المدام، فاندفع يغني: [البسيط]

والكأس تسلبني عقلي وأهون ما ... لهوت عن ذكره عقلي إذا سلبا

خمرا تمشّي بناني وهي فوق يدي ... منها بمثل شعاع الشمس مختضبا

شربتها غير مخمور ولو طلب ال ... خمّار روحي بها أعطيت ما طلبا

وأربح الناس عندي في تجارته ... محصّل يشتري بالفضّة الذّهبا

ومن أصوات الخروف: [الطويل]

إذا لم تكن تنهي إلى غيرك الشكوى ... فما ثمّ إلا الصّبر فيك على البلوى

[ص ٣٢٢]

<<  <  ج: ص:  >  >>