في كل واحدة من هذه الثلاثة معان لا تتناهى، وصور قبل إبرازها إلى الخارج لا يتصوّرها أحد ولا يعرف معناها، في أي صورة ما شاء ركّبها، وفي أي مذهب أراد أذهبها، وكان فريدا في توقيع الألحان، وتنوع الشكر بما يعقّ من تمام الفدام «١» عن بنت ألحان، وكان له بالربوة من وادي دمشق دار نقشها زمانا، وأخرج فيها جهد صناعة الثلث فكتب عليها شعره وذهّبها، ثم كان يغنيها ألحانا، وكان يؤخذ عنه علم الطرب، وكان علما فيه واحدا، ومحركا لا يدع في السماع القائم قاعدا.
ومن شعره الذي صاغه شعرا وألحانا، وجمع فيه محاسن الدهر زمانا زمانا، وأتقن تراكيبه كأنما أضرمه إذهابا وأتقنه دهانا، قوله:[الخفيف]
إنّ فصل الرّبيع أطيب فصل ... طالع وجهه بكلّ سعاده
[ص ٣٢٧]
طاب في فصل صحة فلهذا ... كلّ يوم جماله في زياده
تبرز الأرض منه في سندس ... الوشي حاكت سحابه أبراده