خفيت حتّى من سقامي والضّنى ... لولا أنيني ما رآني العائد
حتى رثت لي رحمة حواسدي ... يا ويح من ترثي له الحواسد
يا كعبة الحسن التي أجّجها ... فؤاد مضناك عليك واقد
كم سقت في الهوى إليكم مقلتي ... والحرّ من يحفظ من يعاهد
والشعر لغيره، والغناء فيه له.
وبتنا ليلة في داره بالربوة وواديها يصفح، وناديها بنشر البنفسج ينفح، والليل قد رق جلبابه، وعلق في جوه ربابه، وهو تارة يحيينا من أناشيده، وتارة يطوينا طائره المترنم بتغريده، حتى حان الصباح ونحن لا نظن أن الليل قد نصّف، ولا أن فرع الجوزاء «١» قد تهدل أو تقصف، ثم التفت فإذا الصباح قد أشرق، وجمر الفجر قد شب إلا أنه ما أحرق، وتلفت يرى بكاء الطلّ في عيون النرجس ما رقا، والبرق بإزاء الليل الكافر مارقا «٢» ، وجبين الصبح يرشح ماؤه، وجبين الفجر سقطا ينضح الشفق دماءه، فاندفع يغني:[الطويل]
ألا حبّذا الوادي وروض البنفسج ... وطيب شذا من عرفه المتأرّج
[ص ٣٢٨]
وأغصان بان في حفافيه ميّد ... بكلّ قديم القدّ غير معوّج «٣»
وأنهار ماء في صفاء ورقّة ... يسيل به ما بين روض مدبّج
كذوب لجين «٤» او كمتن مهنّد ... يمرّ مرور الزئبق المترجرج