الدهر في فنه، فبعث إليه من يشخصه اليه، وتطلع إلى مقدمه عليه، وفخاف كتيلة من بواره به، فلم تمتد الأيام حتى جاءت الأخبار بأن الكمال مات فجاءة، فشاع ذكر بأن كتيلة إنما دبر عليه من قتله، ولعل هذا إنما من تشنيع العوام [ص ٣٣٤] وأقوال الحسدة الطغام، ثم لم يلبث كتيلة بعده إلى أن عاد إلى ماردين فمات رحمه الله.
قلت: ولما انتهيت في ترجمتي هذه إلى هنا، وقعت على أصوات له صنع فيها ألحانا مشهورة، مما حدثني به خواجا محمد المارديني.
وكان من خلطائه وأهل صحبته، فمنها شعر الحلاوي وهو: [الكامل] .
ألف الملام ولام عن ميثاقه ... رشأ فراق النفس دون فراقه
عذب اللّمى حلو الخلال كأنّما ... خلقت مراشف فيه من أخلاقه
دقّت معاني حسنه ولقدّه ... عبث الأنام من القنا بدقاقه
يهوى الوصال ولو بأيسر موعد ... ويصد حتّى الطيف عن مشتاقه
يا محرقا قلبا أقام بربعه ... ألا كففت جفاك عن إحراقه «١»
ومنها في شعر الحلاوي أيضا: [الكامل]
أحيا بموعده قتيل وعيده ... رشأ يشوب وصاله بصدوده
قمر يفوق على الغزالة وجهه ... وعلى الغزال بمقلتيه وجيده
ياليته بعد الملام فإنّه ... ما زال ذا لهج بخلف وعوده
يفترّ عن عذب الرضاب حياتنا ... في ورده والموت دون وروده
قمر أطاع الحسن منه وجهه ... حتّى كأنّ الحسن بعض عبيده
أنا في الغرام شهيده ما ضرّه ... لو أنّ جنّة وصله لشهيده
وهذه الأبيات من قصيدة فائقة منها مدح الملك الناصر داود: [الكامل]