للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النهار والليل حتى أتى بها ماردين، وقبرها في بعض دورها، وتركها لا يحفل بأمورها، ثم أحضرها ليسمع غناءها، فما رآها حتى رابه أمره، وخامر لبه خمره، وتلف بها جوى في الجوانح، وهوى صاد شركه الجوارح، ثم طال عليها الاغتراب والحبس المضيق في عش الغراب، وكانت قد أنست إلى مسعود بن غدايفال لطول اجتماعها به في مجلس الملك المنصور، وعلقت قلبه فلم يجد سبيلا إليها إلا بأن حسّن لابن الملك المنصور حبّها وهون عليه قربها، واستغفل الملك المنصور حتى سافر إلى الموصل، واتى مع ابنه إليها، وباتا يحثان كؤوس الراح عليها، فلما عاد الملك المنصور أتته عينه الناظرة بما رأت، وحدثته ثقات خبره بالليلة التي جرت، فأحل بمسعود المنحوس الحمام، وأورده مورد الموت الحمام، وقد خافت بنت الجنك فأمسكت خفيها على يديها وتدلت من الساتون «١» حتى ثبتت على الأرض قدميها ولقت هناك خدمها، وكانت قد اتعدت مع ثقات لها منهم إلى هناك بالخيل، وسارت تقطع وتسابق السحاب الركام، حتى وافت مدينة سنجار «٢» ، وبها الأمير يحيى بن الجلال، فاستجارت به فأجارها، ووسع تحت نقاط يده وجارها «٣» ، وأتى الخبر الملك المنصور، فقتل صبرا، ولام أهل مشورته للتدبير، وبعث رسله إلى ابن الجلال يعتب، فضم ظهور المطي، وخصم ألسنة الملي البدري وأعلمه بما يجد لفرقتها، ويكوى به من نار حرقتها، فبعث بها إليه فتلقاها وأقرها لديه على أتم الأحوال وأبقاها، وذهب دم ابن غدا يفال هدرا، وكان حمه لها قدرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>