فتحت في أسفلها ثغرة ... لو عاش ذو القرنين ما سدّها «١»
قال: ثم تعدى شوط عداته وتعالى قدره في بلاد ماردين، فخدم في أعمالها، وختم بتصرفه على مآلها، وولي نظر دنيسر، وهمى عليه صوب الرزق فأيسر، ونشأ ابناه مسعود ومحمد كتيلة وتعلما، وكبرا وتقدما، إلا أنّ الحمام أتى على مسعود أولا وشبابه شارخ، وغناؤه لم يصرخ باسمه صارخ، فبقي الذكر لأخيه مفردا، كأن لم يكن سواه من أبيه. فقال: وكان مسعود متعلقا بحبائل «٢» ابن الملك المنصور صاحب ماردين، لا يخاف منه الخبر، ولا يسأل دونه السفر، وكان الملك المنصور قد أخذ ابنة الجنك البغدادية المغنية بغتة من بغداد، وأتى بها إلى ماردين وتركها بها مقيمة، وأهلها لا تعرف أرضا ابتلعتها، أو سماء اقتلعتها، وكان سبب هذا أن الملك المنصور كان رجلا جسيما وكان قد نقص عيار الدراهم بماردين حتى حول الدرهم مقدار الثلثين، فلما نزل الأرد ببغداد سافر للقاء القان، فلما كان يوم دخوله إلى بغداد، خرج أهلها ليروه، وكانت ابنة الجنك ممن خرجت، فلما مرّ عليها، قالت لبعض من كان عندها: من هو صاحب ماردين في هؤلاء؟ فقيل لها: هذا، وأشاروا إليه، فنظرت إليه وقالت: كل هذا بثلثين الا مارديني هو، فدخلت كلمتها [ص ٣٣٩] في صماخ اذنه، وأذكت عليه نار إحنه، فطلب بعض خاصة قومه، وأمره أن يتعرف أمرها، حتى عرفها ثم عدا «٣» عليها حتى أحضرها إليه ليلا لتغنيه فاختطفها وأركبها الخيل، وسيق بها